"مراسلون بلا حدود" تطالب الدول الأوروبية بحماية الإعلام من الضغوط السياسية والاقتصادية
"مراسلون بلا حدود" تطالب الدول الأوروبية بحماية الإعلام من الضغوط السياسية والاقتصادية
حذّرت منظمة "مراسلون بلا حدود"، اليوم الاثنين، من تصاعد التهديدات التي تواجه وسائل الإعلام العامة في أوروبا، في ظل تصاعد الضغوط السياسية والأزمات المالية، مطالبةً بخطوات جماعية جادة للحفاظ على استقلالية واستمرارية هذه الوسائل.
ولفت المدير العام للمنظمة، الصحفي الفرنسي تيبو بروتان، في مقدمة تقريره السنوي، إلى أنّ الحملة الممنهجة التي تستهدف الهيئات الإعلامية العامة لم تعد مقتصرة على بلدان خارج أوروبا، بل باتت تطول مؤسسات داخل الاتحاد الأوروبي نفسه، على غرار ما يحدث في المجر وإيطاليا، وفق وكالة "فرانس برس".
وأوضح بروتان أن "الاستحواذ على وسائل الإعلام العامة، وتقييد تمويلها، بل وحتى تفكيكها، أصبحت سياسات متكررة في أجندات بعض الحكومات"، مبدياً قلقه من تحوّل هذه المؤسسات إلى "أذرع حكومية ناطقة" أو "منابر دعاية سلطوية".
تجارب أوروبية مقلقة
سلّط التقرير الضوء على حالات مقلقة مثل هيئة البث المجرية التي تخضع لسيطرة شبه كاملة من الحكومة، وهيئة البث الإيطالية (RAI) التي تتعرض لضغوط مباشرة من اليمين المتطرف بقيادة جورجيا ميلوني.
ورأى التقرير أن هذه الممارسات لا تقتصر على تكميم الصوت النقدي، بل تشمل أيضاً تهديد جوهر العمل الصحفي، من خلال التحكم في التعيينات والبرمجة، ومنع التمويل المستقل، ما يجعل الإعلام العام عاجزاً عن أداء دوره كخدمة عامة نزيهة.
رحّبت المنظمة بإقرار "قانون حرية الإعلام الأوروبي"، المتوقع دخوله حيز التنفيذ في 8 أغسطس آب المقبل، وهو تشريع ملزم يفرض على الدول الأعضاء احترام استقلالية المؤسسات الإعلامية العامة، وتوفير تمويل مستقر لها.
واقترحت "مراسلون بلا حدود" إنشاء آلية أوروبية موحدة لتمويل وسائل الإعلام، تقوم على فرض ضرائب على شركات التكنولوجيا الكبرى مثل شبكات التواصل الاجتماعي ومحركات البحث، على أن تُستخدم العائدات لدعم وسائل الإعلام العامة.
هيئة أوروبية و"تحالف دفاعي"
دعت المنظمة أيضاً إلى تأسيس هيئة أوروبية مستقلة للإشراف على الإعلام السمعي البصري، تتولى مراقبة التزام الحكومات بالقوانين، ومقاومة التدخلات السياسية والدعائية، خصوصاً من خارج الاتحاد الأوروبي.
كما اقترحت تشكيل تحالف عابر للاتحاد الأوروبي يشمل المملكة المتحدة لحماية هيئات إعلامية دولية مثل "راديو أوروبا الحرة"، والتي تواجه محاولات متكررة من الإدارة الأمريكية لتقليص دورها أو إغلاقها.
وشهدت السنوات الأخيرة تراجعاً في تمويل الإعلام العام بعدة دول أوروبية، بينما عززت تيارات الشعبوية واليمين المتطرف من ضغوطها على هذه المؤسسات باعتبارها خصوماً سياسية.
أدوات لتبرير السياسات
وتتكرر محاولات تحويل الإعلام العام إلى أدوات لتبرير سياسات الحكومة، في ظل غياب ضوابط كافية على التعيينات وميزانيات العمل.
ويأتي تحرك "مراسلون بلا حدود" في لحظة حساسة، حيث يخشى كثير من المهنيين من أن تؤدي الضغوط المستمرة إلى انهيار دور الإعلام العام كمصدر موثوق للمعلومات، خاصة في أوقات الأزمات.